.قصيدة: أتعرِفُ الدّارُ، عَفا رسْمُها
أتعرِفُ الدّارُ، عَفا رسْمُها ** بعدَكَ، صَوْبَ المُسبل الهاطلِ
بينَ السراديحِ، فأدمانةٍ ** فمدفعِ الروحاء في حائلِ
ساءلتُها عن ذاك، فاستعجمتْ ** لم تدرِ ما مرجوعةُ السائلِ
دعْ عنكَ داراً قد عفا رسمها ** وابكِ على حمزةَ ذي النائلِ
المالئ الشيزى، إذا أعصفتْ ** غبرَاءُ في ذي الشَّبَمِ الماحِلِ
التاركِ القرنِ لدى لبدهِ ** يَعْثُرُ في ذي الخُرُص الذابلِ
واللاّبسِ الخيلَ إذا أحجمَتْ ** كاللّيْثِ في غابتِهِ الباسلِ
أبيضَ في الذروةِ من هاشمٍ ** لمْ يَمرِ دونَ الحقّ بالباطِلِ
ما لشهيدٍ بينَ أرماحكمْ ** شلتْ يدا وحشيِّ من قاتلِ
إنّ امْرَأَ غُودِرَ في ألّةٍ ** مَطرُورَةٍ، مارِنَةِ العامِلِ
أظْلَمَتِ الأرْضُ لفِقْدَانِهِ ** واسودَّ نورُ القمرِ الناصلِ
صلّى عليكَ اللَّهُ في جنّةٍ ** عاليَةٍ، مُكرَمَةِ الدّاخِلِ
كُنّا نرَى حمزَةَ حِرْزاً لنا ** مِنْ كلّ أمرٍ نابَنا نازِلِ
وكانَ في الإسلامِ ذا تدرإٍ ** لمْ يكُ بالوَاني، ولا الخاذلِ
لا تفرَحي يا هنْدُ، واستحلِبي ** دمعاً، وأذري عبرَةَ الثاكلِ
وابكي على عتبةَ، إذْ قطهُ ** بالسَّيْفِ تحتَ الرَّهَجِ الجائلِ
إذْ خَرّ في مَشْيخَةٍ منكُمُ ** من كلّ عاتٍ قلبهُ، جاهلِ
أرْداهُمُ حمزَةُ في أُسْرَةٍ ** يمْشونَ تحتَ الحَلَقِ الذائلِ
غداةَ جبريلُ وزيرٌ لهُ ** نِعْمَ وَزيرُ الفارِس الحامِلِ
.قصيدة: لقدْ لقِيَتْ قُرَيْظةُ ما عظاها
لقدْ لقِيَتْ قُرَيْظةُ ما عظاها ** وحلّ بحصنها ذلٌّ ذليلُ
وسعدٌ كان أنذرهمْ نصيحاً ** بأنّ إلههُمْ رَبٌّ جلِيلُ
فمل برحوا بنقضِ العهدِ حتى ** غزاهم في ديارهمِ الرسولُ
أحاطَ بحصنهمْ منا صفوفٌ ** لهُ من حَرّ وَقعتِها صَليلُ
فصارَ المؤمنونَ بدارِ خلدٍ ** أقامَ لها بها ظلٌّ ظليلُ
.قصيدة: نَصَرُوا نَبيّهُمُ، وشدّوا أزْرَه
نَصَرُوا نَبيّهُمُ، وشدّوا أزْرَه ** بحُنَينَ، يوْمَ تَواكُلِ الأبْطَالِ
.قصيدة: يخافُ أُبَيٌّ جَنانَ العَدُوّ
يخافُ أُبَيٌّ جَنانَ العَدُوّ ** ويعلمُ أني أنا المعقلُ
فلا وأخيكَ الكريمِ الذي ** فَخَرْتَ بهِ لا تُرَى تَعتَلُ
فلا تقنعِ العامَ في دارهمْ ** ولا أُسْتَهَدُّ ولا أُنْكَلُ
أبا لكَ، لا مُستَجافُ الفُؤا ** دِ، يوْمَ الهِياجِ، ولا أعزَلُ
.قصيدة: رضيتُ حكومةَ المرقالِ قيسٍ
رضيتُ حكومةَ المرقالِ قيسٍ ** وما أحسَسْتُ إذ حكَّمْتُ خالي
لهُ كفٌّ تفيضُ دماً، وكفٌّ ** يُباري جُودُها سَحَّ الشَّمالِ
ونحنُ الحاكمونَ بكلّ أمرٍ ** قَديماً، نبتَني شَرَفَ المَعالي
ولا ينفكُّ فينا ما بقينا ** منيرُ الوجهِ، أبيضُ كالهلالِ
ألا يا مالِ لا تَزْدَدْ سَفاهاً ** قَضيّةَ ماجِدٍ، ثَبْتِ المَقالِ
.قصيدة: وقافيةٍ عجتْ بليلٍ، رزينةٍ
وقافيةٍ عجتْ بليلٍ، رزينةٍ ** تلقيتُ من جوّ السماءِ نزولها
يراها الذي لا ينطقُ الشعرَ عندهُ ** ويعجزُ عن أمثالها أن يقولها
متاريكُ أذنابِ الحقوقِ، إذا التوتْ ** أخذْنا الفُرُوعَ، واجتَنَيْنا أُصُولها
مقاويلُ بالمعروفِ، خرسٌ عن الخنا ** كِرَامٌ، مَعَاطٍ للعَشِيرَةِ سُوْلَها
.قصيدة: ولقدْ بكيتُ، وعزّ مهلكُ جعفرٍ
ولقدْ بكيتُ، وعزّ مهلكُ جعفرٍ ** حِبِّ النبيّ، على البريّةِ كلّها
ولقد جزعتُ، وقلتُ حينَ نعيتَ لي: ** منء للجلادِ لدى العقابِ وظلها
بالبِيضِ، حينَ تُسلُّ مِنْ أغمادِها ** يوماً، وإنهالِ الرماحِ وعلها
بعدَ ابنِ فاطمةَ المباركِ جعفرٍ ** خَيْرِ البَرِيّةِ كُلِّها وأجَلّها
رُزءاً، وأكرَمِها جَميعاً مَحْتِداً ** وأعَزِّها مُتَظَلِّماً، وأذَلّها
للحقّ حينَ ينوبُ غيرَ تنحلٍ ** كَذِبَاً، وأغمَرِها نَدىً، وأقَلّها
فُحشاً، وأكثرِها، إذا ما تُجتدَى ** فضلاً، وأبذلها ندى، وأدلها
عَ الخَيرِ بَعدَ مُحَمّدٍ، لا شِبهُهُ ** بَشَرٌ يُعَدُّ من البَرِيّةِ جُلّها
.قصيدة: أقامَ على عهدِ النبيّ وهديهِ
أقامَ على عهدِ النبيّ وهديهِ ** حواريهُ والقولُ بالفعلِ يعدلُ
أقامَ على منهاجهِ وطريقهِ ** يُوَالي وَليَّ الحقِّ، والحقُّ أعدَلُ
هُوَ الفارِسُ المشهورُ والبطلُ الذي ** يَصُولُ، إذا ما كانَ يوْمٌ مُحَجَّلُ
إذا كشَفَتْ عن ساقِها الحرْبُ حشّها ** بأبْيَضَ سبّاقٍ إلى المَوْتِ يُرْقِلُ
وإنّ امْرَأ كانَتْ صَفِيّةُ أُمَّهُ ** ومنْ أسدٌ في بيتها لمرفلُ
لَهُ من رَسُولِ اللَّهِ قُرْبَى قَريبَةٌ ** ومن نُصرَةِ الإسلامِ مَجدٌ مؤثَلْ
فكمْ كربةٍ ذبّ الزبيرُ بسيفهِ ** عن المُصْطفى، واللَّهُ يُعطي فيُجزلُ
فما مثلهُ فيهمْ، ولا كانَ قبلهُ ** وليْسَ يَكُونُ الدّهرَ ما دامَ يذْبُلُ
ثناؤكَ خيرٌ من فعالِ معاشرٍ ** وفعلكَ، يا ابن الهاشميةِ، أفضلُ
.قصيدة: أخلاءُ الرخاءِ همُ كثيرٌ
أخلاءُ الرخاءِ همُ كثيرٌ ** وَلكنْ في البَلاءِ هُمُ قَلِيلُ
فلا يغرركَ خلةُ من تؤاخي ** فما لك عندَ نائبَةٍ خليلُ
وكُلُّ أخٍ يقولُ: أنا وَفيٌّ ** ولكنْ ليسَ يفعَلُ ما يَقُولُ
سوى خلٍّ لهُ حسبٌ ودينٌ ** فذاكَ لما يقولُ هو الفعولُ
.قصيدة: عَلِمتُكِ، واللَّهُ الحَسيبُ، عَفيفَةً
عَلِمتُكِ، واللَّهُ الحَسيبُ، عَفيفَةً ** منَ المؤمناتِ غيرَ ذاتِ غوائلِ
حَصاناً رَزَانَ الرّجلِ يَشبَعُ جارُها ** وتُصبحُ غَرْثَى من لحومِ الغَوافِلِ
وما قُلتُ في مالٍ تُريدينَ أخذَهُ ** بنية مهلاً، إنني غيرُ فاعلِ
.قصيدة: لقد وَرِثَ الضّلالةَ عن أبيهِ
لقد وَرِثَ الضّلالةَ عن أبيهِ ** أُبَيٌّ، يوْمَ فَارَقَهُ الرّسُولُ
جئتَ محمداً عظماً رميماً ** لتكذبهُ، وأنتَ بهِ جهولُ
وقد نالتْ بنو النجارِ منكمْ ** أُميّةَ، إذْ يُغَوِّثُ يَا عَقِيلُ
وَتَبَّ ابْنا رَبِيعةَ، إذْ أطَاعَا ** أبا جَهْلٍ، لأمّهما الهُبُولُ
.قصيدة: إذا الثقفيُّ فاخركمْ فقولوا
إذا الثقفيُّ فاخركمْ، فقولوا: ** هلمّ، فعدَّ شأنَ أبي رغالِ
أبوُكُمْ الأمُ الآباءِ قِدْماً ** وأنتُمْ مُشْبِهُوهُ على مِثَالِ
مثالِ اللؤمِ، قد علمتْ معدٌّ ** فليسوا بالصّريحِ ولا المَوالي
ثقيفٌ شرُّ من ركبَ المطايا ** وأشباهُ الهجارسِ في القتالِ
ولوْ نَطَقتْ رِحالُ المَيْسِ قالتْ: ** ثقيفٌ شرُّ منْ فوقَ الرحالِ
عَبِيدُ الفِزْرِ أوْرَثَهُمْ بَنيهِ ** وآلى لا يَبيعُهُمُ بمَالِ
وما لكرامةٍ حبسوا، ولكنْ ** أرادَ هوانهمْ أخرى الليالي
.قصيدة: جاءتْ مُزَينَةُ من عَمْقٍ لتنصَرَهمْ
جاءتْ مُزَينَةُ من عَمْقٍ لتنصَرَهمْ ** فِرّي، مُزَينَةُ، في أسْتاهكِ الفُتُلُ
فكلُّ شيء، سوَى أن تذكرُوا شرَفاً ** أوْ تبلُغوا حسَباً منْ شأنكُمْ جلَلُ
قومٌ مدانيسُ لا يمشي بعقوتهمْ ** جارٌ، وليسَ لهمْ في موْطنٍ بَطَلُ
.قصيدة: أبلغْ عبيداً بأنّ الفخرَ منقصةٌ
أبلغْ عبيداً بأنّ الفخرَ منقصةٌ ** في الصّالحينَ، فلا يذهبْ بكَ الجذَلُ
لما رأيتَ بني عوفٍ وإخوتهمْ ** عوفاً وَجمْعَ بني النجّارِ قد حفَلوا
قومٌ أباحوا حماكم بالسيوفِ، ولمْ ** يفعَلْ بكمْ أحدٌ في الناس ما فعلوا
إذ أنتمُ لا تجيبونَ المضافَ، وإذْ ** تُلقى خِلال الديار الكاعبُ الفُضُلُ
.قصيدة: وما كثرتْ بنو أسدٍ فتخشى
وما كثرتْ بنو أسدٍ فتخشى ** لكثرتها، ولا طابَ القليلُ
قبيلةٌ تذبذبُ في معدٍّ ** أنوفهمُ أذلُّ من السبيلِ
تمنى أن تكونَ إلى قريشٍ ** شَبيهَ البَغْلِ شَبَّهَ بالصّهيلِ
.قصيدة: سماهُ معشرهُ أبا حكمٍ
سماهُ معشرهُ أبا حكمٍ ** واللهُ سماهُ أبا جهلِ
فما يجيءُ، الدهرَ، معتمراً ** إلا ومرجلُ جهلهِ يغلي
وكأنهُ مما يجيشُ بهِ ** مبدي الفجورِ وسورةِ الجهلِ
يُغْرَى بهِ سُفْعٌ لَعامِظَةٌ ** مثلُ السباع شرَعنَ في الضَّحْلِ
أبْقَتْ رِيَاسَتُهُ لمَعْشَرِهِ ** غَضَبَ الإلهِ وَذِلّةَ الأصْلِ
إن ينتصرْ يدمى الجبينُ، وإنْ ** يلبثْ قليلاً يودَ بالرحلِ
قدْ رامني الشعراءُ، فانقلبوا ** مني بأفوقَ ساقطِ النصلِ
ويصدُّ عني المفحمونَ، كما ** صدّ البكارةُ عن حرى الفحلِ
يخْشُونَ من حسّانَ ذا بَرَدٍ ** هزِمَ العشيّةِ، صادقَ الوَبلِ
.قصيدة: وإنّ ثقيفاً كانَ، فاعترفوا بهِ
وإنّ ثقيفاً كانَ، فاعترفوا بهِ ** لئيماً، إذا ما نصّ للمجدِ معقلُ
وَأغضُوا، فإنّ المجدَ عنكم وأهْلَهُ ** على ما بِكمْ من لؤمكم مُتَعزِّلُ
وَخلُّوا مَعَدَّاً وانتساباً إليهِمِ ** بهمْ عنكمُ حقاً تناءٍ ومزحلُ
وقولَ السفاهِ، واقصدوا لأبيكمُ ** ثقيفٍ، فإنّ القصد في ذاكَ أجملُ
فإنّكُمُ إن ترْغبوا لا يَكُنْ لَكُمْ ** عنَ أصْلكُمُ في جِذم قيْس معوَّلُ
وما لكمُ في خندفٍ منْ ولادةٍ ** ولا في قديم الخيرِ مجدٌ مُؤثَّلُ
.قصيدة: ويَوْمَ بدْرٍ، لقيناكمْ، لنا مدَدٌ
ويَوْمَ بدْرٍ، لقيناكمْ، لنا مدَدٌ ** فيرفعُ النصرَ ميكالٌ وجبريلُ
.قصيدة: اللؤمُ خيرٌ من ثقيفٍ كلها
اللؤمُ خيرٌ من ثقيفٍ كلها ** حسباً، وما يفعلْ لئيمٌ تفعلِ
وَبَنَى المَليكُ من المخازي فوْقَهُمْ ** بيتا، أقامَ عليهمِ لم ينقلِ
إنْ همْ أقاموا حلَّ فوقًَ رقابهمْ ** أبداً، وإنْ يتحولوا يتحولِ
قوْمٌ إذا ما صِيحَ في حُجُرَاتِهِمْ ** لاقَوا بأنْذالٍ تَنابِلَ عُزّلِ
.قصيدة: بئسَ ما قاتلتْ خيابرُ عما
بئسَ ما قاتلتْ خيابرُ عما ** جمعتْ من مزارعٍ ونخيلِ
كرهوا الموتَ فاستبيحَ حماهمْ ** وأقاموا فِعْلَ اللّئيمِ الذّليلِ
أمنَ الموتِ ترهبونَ؟ فإنّ ال ** موتَ موتَ الهزالِ غيرُ جميلِ
.قصيدة: لسْتَ مِنَ المَعشَرِ الأكْرَمين
لسْتَ مِنَ المَعشَرِ الأكْرَميـ ** نَ لا عبدِ شمسٍ ولا نوفلِ
وليْسَ أبُوكَ بِساقي الحَجِيـ ** جِ، فاقعدْ على الحسبِ الأرذلِ
ولكنْ هجينٌ منوطٌ بهمْ ** كما نوطتْ حلقةُ المحملِ
تجيشُ من اللؤمِ أحسابكمْ ** كجيشِ المشاشةِ في المرجلِ
فلوْ كنتَ من هاشمٍ في الصّمِيـ ** مِ لم تهجنا، وركيْ مصطلي
.قصيدة: لكِ الخيرُ غضي اللومَ عني فإنني
لكِ الخيرُ غضي اللومَ عني فإنني ** أُحبُّ من الأخلاقِ ما كان أجملا
ذَرِيني وَعلمي بالأمورِ وَشيمَتي ** فما طائري يوْماً عليكِ بأخْيَلا
فإن كنتِ لا مني، ولا من خليقتي ** فمنكِ الذي أمسى عن الخيرِ أعزلا
ألمْ تعلمي أني أرى البخلَ سبةً ** وَأُبْغِضُ ذا اللّوْنينِ والمُتَنقِّلا
إذا انصرَفَتْ نفسي عن الشيء مرّةً ** فلستُ إليهِ آخرَ الدهرِ مقبلا
وإني، إذا ما الهمُّ ضافَ قريتهُ ** زَماعاً، ومِرْقالَ العشيّاتِ عيهَلا
ململمةً، خطارةً، لوْ حملتها ** على السيْفِ لم تعدِل عن السيْفِ معدِلا
إذا انبعثتْ من مبركٍ غادرتْ بهِ ** تَوَائِمَ أمْثَالَ الزّبائب ذُبَّلا
فإنْ بركتْ خوتْ على ثفناتها ** كأنّ على حيزومها حرفَ أعبلا
مروعةً لوْ خلفها صرَّ جندبٌ ** رأيتَ لها من روعةِ القلبِ أفكا
وإنا لقومٌ ما نسودُ غادراً ** ولا ناكِلاً عِندَ الحمالَةِ زُمَّلا
ولا مانعاً للمالِ فيما ينوبهُ ** ولا عاجزاً في الحربِ جبساً مغفلا
نسودُ منا كلَّ أشيبَ بارعٍ ** أغرَّ، تراهُ بالجلالِ مكللا
إذا ما انتدى أجنى الندى، وابتنى العلا ** وَأُلفِيَ ذا طَوْلٍ على مَنْ تَطَوَّلا
فلستَ بلاقٍ ناشئاً من شبابنا ** وإن كانَ أندى من سَوانا، وأحوَلا
نُطِيعُ فِعَالَ الشيخِ منّا، إذا سما ** لأمرٍ، ولا نعيا، إذا الأمرُ أعضلا
لَهُ أُرْبَةٌ في حزْمهِ وفِعَالهِ ** وإن كانَ منّا حازِمَ الرّأي حُوَّلا
وما ذاكَ إلاّ أنّنا جَعَلَتْ لنَا ** أكابرنا، في أولِ الخيرِ، أولا
فنحن الذرى من نسل آدمَ والعرى ** تربعَ فينا المجدُ حتى تأثلا
بنى الزُّ بيتاً، فاستقرتْ عمادهُ ** عَلينا، فأعْيا الناسَ أنْ يَتَحَوّلا
وإنكَ لن تلقى منَ الناسِ معشراً ** أعَزَّ من الأنصَارِ عِزَّاً وأفضَلا
وأكثرَ أنْ تلقَى، إذا ما أتيْتَهُمْ ** لهمْ سيداً ضخمَ الدسيعةِ جحفلا
وأشيَبَ، ميمونَ النّقيبةِ، يُبتَغى ** بهِ الخَطَرُ الأعْلى، وطفلاً مؤمَّلا
وأمردَ مرتاحاً، إذا ما ندبتهُ ** تَحَمّلَ ما حَمّلْتَهُ، فَتَرَبّلا
وَعِدَّاً خَطيباً لا يُطاقُ جوَابُهُ ** وذا أُرْبَةٍ في شِعْرِهِ مُتَنَخَّلا
وأصْيَدَ نهّاضاً إلى السّيْفِ، صَارِماً ** إذا ما دعا داعٍ إلى المَوْتِ أرْقلا
وأغيدَ مختالاً، يجرُّ إزارهُ ** كثيرَ النّدى، طلْقَ اليدين مُعذَّلا
لنا حرةٌ مأطورةٌ بجبالها ** بنى المجدُ فيها بيتهُ، فتأهلا
بها النَّخْلُ والآطامُ تجري خِلالَها ** جداوِلُ، قد تعلو رِقاقاً وجَرْوَلا
إذا جدولٌ منها تصرمَ ماؤه ** وصلنا إليهِ بالنواضحِ جدولا
على كل مفهاقٍ، خسيفٍ غروبها ** تُفرّغ في حوضٍ من الصخر انجلا
له غلل في ظلِّ كل حديقة ** يُعَارضُ يَعْبُوباً منَ الماءِ سَلسَلا
إذا جئتَها ألفَيْتَ، في حَجَرَاتِها ** عناجيجَ قباً والسوامَ المؤبلا
جَعَلْنَا لَها أسْيَافَنا وَرِماحَنا ** من الجيش والأعرابِ، كهفاً ومعقِلا
إذ جمعوا جمعاً سمونا إليهمِ ** بهنديةٍ تسقى الذعافَ المثملا
نَصَرْنَا بها خيْرَ البرِيَّةِ كلِّها ** إماما، ووقّرْنا الكِتَابَ المُنزَّلا
نَصَرْنا، وآوَيْنا، وقوّمَ ضرْبُنا ** لهُ بالسيوفِ مَيلَ مَن كان أميَلا
وإنكَ لنْ تلقى لنا من معنفٍ ** وَلا عائِبٍ، إلاّ لئيماً مُضَلَّلا
وإلاّ امْرأً قَدْ نالَهُ من سُيوفِنا ** ذبابٌ، فأمسى مائلَ الشقّ أعزلا
فمَنْ يأتِنَا أوْ يَلْقَنا عنْ جِنايَةٍ ** يجدْ عندنا مثوىً كريماً، وموئلا
نجيرُ، فلا يخشى البوادرَ جارنا ** ولاقَى الغِنى في دُورِنا، فتمَوّلا